الرهان الخاسر على إدارة جو بايدن الجديدة

الرهان الخاسر على إدارة جو بايدن الجديدة

الرهان الخاسر على إدارة جو بايدن الجديدة

 

بقلم / ماجد الزبدة

 

على الرغم من إعلان الإدارة الأمريكية الجديدة عبر سفيرها لدى الأمم المتحدة ريتشارد ميلز رغبتها في تجديد العلاقة مع السلطة الفلسطينية، ونيتها إعادة فتح القنصلية الأمريكية شرقي مدينة القدس المحتلة، ودعمها لحل الدولتين، واتفاقيات التطبيع العربي الأخيرة مع الاحتلال، وسعيها نحو تحسين الأوضاع الميدانية للفلسطينيين خاصة في قطاع غزة، واستئناف مساعداتها الإنسانية والمادية للشعب الفلسطيني.

 

 إلا أن مصادقة مجلس الشيوخ الأمريكي بأغلبية ساحقة على بقاء السفارة الأمريكية في القدس كعاصمة لدولة الاحتلال، يمثل ضربة موجعة للآمال التي عقدتها السلطة الفلسطينية على الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن.

 

فقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والذي اتخذ في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب في إطار دعمه اللامحدود لدولة الاحتلال، عوضاً عن كونه يشكل انتهاكاً كبيراً للقوانين الدولية ذات العلاقة بالمدينة المقدسة، فهو يهدف إلى إخراج المدينة المقدسة من أي مفاوضات مستقبلية، كما أنه يشجع الاحتلال على الاستمرار في الاستيطان وفرض الأمر الواقع على الفلسطينيين.

 

إن المتابع لتشكيلة إدارة رئيس الولايات المتحدة الجديد جو بايدن يلحظ تعاظُم النفوذ الصهيوني بشكل كبير في الإدارة الجديدة، فبَايدن الذي انتخبه 77% من اليهود الأمريكيون وصفه بنيامين نتنياهو بأنه “صديق عظيم لإسرائيل”، ولطالما أعلن بادين دعمه للصهيونية وحبه وولائه لدولة الاحتلال، ورأى أن وجودها ضروري لأمن اليهود حول العالم، ومن أقواله المشهورة: “إنه إذا لم تكن إسرائيل موجودة، فستضطر الولايات المتحدة إلى اختراع إسرائيل لحماية المصالح الأمريكية”.

الرهان الخاسر على إدارة جو بايدن الجديدة

وأيضاً تصريحه الذي امتدح فيه الصهيونية بقوله: “إذا كنت يهودياً فسأكون صهيونياً، والدي أشار إلى أنه لا يُشترط عليّ أن أكون يهودياً لأصبح صهيونياً”، فهو عندما كان عضواً في مجلس الشيوخ أيّد قانون الكونغرس لعام 1995م والذي نصّ على نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.

 

لا يحتاج الرئيس الأمريكي بايدن إلى إثبات دعمه المُطلق لكيان الاحتلال بعد اختياره أحد عشر يهودياً لشغل مناصب سياسية مؤثرة في إدارته الجديدة، الأمر الذي ضاعف من قدرة الصهاينة على التأثير المباشر في السياسات الأمريكية المتعلقة بالصراع في المنطقة، فوزير الخارجية اليهودي الجديد أنتوني بلينكين أعلن رغبته التشاور مع دولة الاحتلال بخصوص الموضوع الإيراني، ونائبته اليهودية ويندي شيرمان.

 

لعبت دوراً لافتاً في تحويل برنامج الحزب الديمقراطي إلى الخطوط التقليدية الداعمة للاحتلال، وكبير موظفي البيت الأبيض اليهودي رونالد كلاين درس التوراة، وأفصح عن التزامه بتربية الأطفال اليهود.

 هذا بالإضافة إلى نائب مدير وكالة المخابرات المركزية ديفيد كوهين، والمدعي العام ميريك جارلاند، وكذلك مدير المخابرات الوطنية أفريل هاينز، ومدير مكتب سياسة العلوم والتكنولوجيا إريك لاندر، ونائب وزير الصحة راشيل ليفين، ووزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس، ومدير الأمن السيبيراني بوكالة الأمن القومي آن نوبيرغ ووزيرة الخزانة جانيت يلين، وكلهم من اليهود الذين يُتَوقَّع لهم لعب دور داعم للاحتلال الصهيوني خلال حقبة بايدن.

 

مما سبق ذكره يتضّح أن انتظار السلطة الفلسطينية لرعاية أمريكية نزيهة ومحايدة لمفاوضات التسوية مع الاحتلال ما هي إلاّ ضرب من الخيال، فالإدارة الأمريكية الجديدة التي ثبتت من خلال مجلس الشيوخ قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ودعت الدول العربية التي لم تطبع علاقاتها مع الاحتلال إلى القيام بذلك، لن تُقدّم لشعبنا سوى مزيداً من الوعودات الخادعة والزائفة، تغلفها بالقليل من المساعدات والأموال السياسية التي تهدف إلى دفعنا بالقبول بالأمر الواقع الذي تفرضه دولة الاحتلال.

 

اقرأ أيضاً:

هل آمن الفلسطينيون بالتداول السلمي على السلطة؟

897522-300x199 الرهان الخاسر على إدارة جو بايدن الجديدة

الرئيس الأمريكي الجديد جو بادين وإن كان يختلف مع سابقه ترامب في الأسلوب واختيار الألفاظ، لكنه يتفق معه في تقديم الدعم السياسي والعسكري اللامحدود لكيان الاحتلال الغاصب .

 

في هذا الوقت ربما من أوجب الواجبات الوطنية على قيادة السلطة الفلسطينية التي ما زالت بعد قرن من الزمن تراهن على استعادة مسار عملية التسوية الذي ثبت بالدليل القاطع فشلها، ومازالت تتمسك باتفاقية أوسلو التي مزقت وحدة شعبنا سياسياً وجغرافياً، يجدر بها اليوم أن تتخلى عن الرهان على الإدارة الأمريكية الجديدة.

 

 وأن تعيد الأمانة إلى أبناء الشعب الفلسطيني، من خلال التمسّك بقرار إجراء الانتخابات العامة، وعدم التراجع عنها تحت أي مبرر أو ذريعة، والإصرار على نزاهتها وشفافيتها، والقبول بنتائجها، حتى نصل إلى إتمام الوحدة وإنهاء الانقسام، وتسليم الراية لمن يختاره الشعب قائداً ليواصل مسيرة التحرير وبناء الدولة الفلسطينية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *