كورونا تكشف ثمار الترفيع الآلي

كورونا تكشف ثمار الترفيع الآلي

كورونا تكشف ثمار الترفيع الآلي

بقلم: باحث الدكتوراة حسام الدين رفعت حرز الله

إن التعليم في العالم له نظامه وألياته المتعارف عليها كلٌ حسب ظروفه وفلسفته وسياسته العامة ومن هذه الآليات الترفيع الآلي الذي يستند على فلسفة عدم جدوى رسوب الطلاب، وعدم إفادتهم من إعادة صفوفهم، إلا أن كل دولة لها مفهومها للترفيع الآلي.

فمثلاً فإذا نظرنا إلى مفهوم الترفيع الآلي في اليابان نجده يختلف تماماً في تطبيقه، وقد اعتمد مبدأ الترفيع الآلي في منطقة اليونسكو العالمية، وذلك حتى يظل الطالب مع أقرانه في نفس المستوى، لكن لا بد أن يكون هناك تصنيف ويكون هناك اهتمام كبير بالطالب بحيث تتأكد من مستواه، وعندها تكون طريقة ترفيعه آلياً مسألة شكلية.

  أما أسلوب الترفيع الألى الذي يتبع في مدارسنا الفلسطينية، والذي بموجبه ينتقل الطالب، من فصل لآخر، فقد أخذنا هذا النظام كما هو، فلم نفهم إلا شكله أما مضمونه فقد ترك جانباً، والمرحلة النهائية يكون طالباً ضعيفاً، ولا يستطيع أن يقرأ بطريقة جيدة، ولا يكتب كتابه صحيحة، خوفاً من سياسة الهدر التربوي لدى وزارة التربية والتعليم ونظراً لضعف إمكانات استيعاب العدد الكبير من الطلبة في كل عام، وأسباب أخرى.

لذا نجد اليوم ضعف التحصيل الدراسي لدى الطلبة، حيث لا يتناسب مستواهم مع مرحلتهم الدراسية، مما أدى لظهور فجوة كبيرة بين الطالب والمنهاج، وضعف في تخريج طاقات بشرية تخدم المجتمع بشكل يتناسب مع التقدم، والانفجار العلمي، وتحقيق أهداف المجتمع.

اقرأ أيضاً:

أولياء الأمور والتعليم الالكتروني زمن كورونا 

566-300x199 كورونا تكشف ثمار الترفيع الآلي

 بالإضافة لضعف كبير في كفايات الطلبة الوجدانية والنفسحركية والأدائية وقد ظهر هذا جلياً  في زمن كوفيد – 19 ( كورونا) حيث المعاناة الحقيقية من ضعف كبير جداً في قدرة الطالب على فهم الدروس الالكترونية بطريقة التعلم الذاتي، وضعف في استخدام أدوات وتقنيات التعليم عن بعد، وعزوف الطلبة عن المتابعة للدروس المنهجية المرسلة الكترونياً، وربما شكلت لديهم مشكلات نفسية لعدم قدرتهم على فهم دروسهم المتراكمة.

يتبع -كورونا تكشف ثمار الترفيع الآلي

 إن هذا التراجع الضخم في المستوى التحصيلي لهو الثمار التي نقطفها اليوم بسبب شجرة الترفيع الآلي التي أحدثت فجوة كبيرة بين الطالب ومستوى المرحلة التعليمية التي ينتقل إليها حيث نجد أنَّ الطلاب أنفسهم غير قادرين على فهم الدروس المتلفزة والمصورة دون معلم، مما يؤدي لديهم ضغوطات نفسية، والعزوف عن متابعة المنهاج الدراسي، مما يدفع البعض  بترك التعليم والذهاب للبحث عن عمل ليواجه معترك الحياة منذ نعومة أظفاره ، ومن هنا وأمام هذا الواقع الجديد والذي فرضته ارتدادات  جائحة كورونا على النظام التعليمي بشكل عام اقترح ما يلي :

  • تحييد السياسة عن التعليم ليستقل بقراره وليدعم مادياً ومعنوياً فوراً دون تلكأ، وبكل ما أوتينا من قوة.

  • توفير الأمن الوظيفي وتحسين المعيشة لكافة المعلمين.

  • على أصحاب القرار في المستوى الإدارة العليا ضرورة زيادة نسبة الرسوب مهما كلف من ثمن لإنقاذ الجيل من ضياع المستقبل واعتماد الترفيع الآلي على أساس الاتقان، وما على المسئولين أصحاب السلطة إلا الإسراع في بناء مدارس مهنية وتقنية وتدريبية لتستوعب الطلبة الذين لا يمكن لهم الاستمرار في الدراسة بل يمكن لهم تعلم مهنة أو حرفة يبدعون في حياتهم ويكونون أسرهم مستقبلاً.

  • الاستدامة في التّعليم التي يندمج فيها التّعلّم الإلكتروني مع التّعلّم الصفي التقليدي في إطار واحد، حيث توظف أدوات التّعلّم الإلكتروني سواء المعتمدة على الكمبيوتر أو على الشبكة في الدروس، مثل معامل الكمبيوتر والصفوف الذكية ويلتقي المعلم مع الطالب وجهاً لوجه معظم الأحيان وهذا ما يعرف ( بالتعليم المدمج ) تحسباً لأي طارئ قادم وتوفير كافة احتياجات الطلبة

  • ينبغي على أولياء الأمور تهيئة كل سبل النجاح والتقدم أمام أبناءهم وتوفير كل ما يلزم لهم ومتابعتهم الحثيثة وتدريبهم على تنظيم الأوقات ومتابعة دروسهم بجدية والتواصل المستمر والفعال مع المدرسة لتحقيق الدور التكاملي بين المدرسة والأسرة كما يجب حث أبناءهم على الاستفادة من الحواسيب والجوالات الذكية في برامج تعليمية وليس في أمور لا تغني ولا تسمن من جوع.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *